في 27 نوفمبر 2020 لم يكن النهائي مجرد مباراة على لقب إفريقي، بل كان اختبار هوية وذاكرة وتاريخ.

الزمالك دخل “نهائي القرن” بثقة مُفرطة وكلمات صريحة من مسؤوليه ولاعبيه: "البطولة محسومة، والأهلي بلا فرص، والقدر أخيرًا سيميل نحو الفريق الأبيض".

وبعد 90 دقيقة، تغير كل شيء.

اقرأ أيضًا.. سيد عبد الحفيظ يرد على أنباء تجديد عقد ديانج

زهو البداية.. كيف تحولت الثقة إلى غرور؟

قبل المباراة، اجتمعت جماهير الزمالك وإعلامه على فكرة واحدة: “هذه لحظة رد الدين”.

بيانات وتعليقات وآراء ترى الأهلي في أسوأ حالاته، وأن الفريق الأبيض يملك الأفضلية الفنية والذهنية.

تصريحات واحتفالات مبكرة وكأن اللقب في الحقيبة، وقراءة سطحية لطبيعة مباريات التاريخ.

هدف السولية المبكر.. الأهلي يضرب أولًا

هدف عمرو السولية المبكر صدم الزمالك وهز ثقته في نفسه لأنه كان في الدقيقة الخامسة.

الأهلي كان في حالة تركيز شديدة تحت قيادة المدرب، بيتسو موسيماني، الذي جاء في ظروف استثنائية بعد رحيل رينيه فايلر.

هدف شيكابالا.. تعادل باحتفال مبالغ كالعادة

هدف التعادل من شيكابالا في الدقيقة 31 أشعل ثقة الأبيض، وتحول إلى دليل “قاهر” على التفوق، لدرجة أن بعضهم بدأ يتحدث عن سيناريوهات حسم الفوز والاحتفال قبل صافرة النهاية.

لكن التاريخ لا يُكتب في النصف الأول، ومن يواجه الأهلي في نهائي قاري يعرف أن الهزيمة لا تبدأ من النتيجة، بل من الشعور بالاطمئنان.

القاضية ممكن.. مع كل ثانية يتأخر الخصم

في الدقيقة 85:45، الكرة تسقط عند محمد مجدي أفشة، صمت لحظة، خطوة للأمام، تسديدة تاريخية.

“القاضية ممكن” لم تكن مجرد جملة لمعلق، بل عنوان لنهج كامل: "لا تُنهِ المباراة قبل أن ينهيها الأهلي، هنا كانت كرة القدم تتحدث بلغتها التي يفهمها الجميع، لكنها كتبت سطرًا أحمرًا لا يُمحى".

اقرأ أيضًا | "بنكسب بشقانا يا صبري".. تصريحات إبراهيم مجاهد عن "دوري الرشوة" ترد على جماهير الزمالك

من الصدمة إلى الأسطورة

تسعون دقيقة حولت الثقة البيضاء إلى كسرة نفس إعلاميًا وجماهيريًا.

لم يكن الأمر فوزًا عاديًا، بل لحظة تذكير بأن الأهلي لا يملك بطولة واحدة، بل DNA الفوز في أصعب الظروف.

بعد الهدف، لم يتغير فقط مسار النهائي، بل صورة جيل كامل أمام منصات العالم.

خمس سنوات بعد القاضية.. ما الذي تغير؟

الأهلي واصل تتويجاته: أبطال إفريقيا 2021، 2023 و2024 وبرونزيات كأس العالم للأندية.

الزمالك دخل سنوات من الاضطراب الإداري والفني، وتبدل خطاب “الثقة المطلقة” بخطابات اعتذار وتأجيل ومبررات.

المشهد بات واضحًا: من راهن على الكلمات خسر، ومن راهن على الملعب كتب التاريخ.

القاضية ليست مجرد ذكرى.. إنها عقلية

في كل مباراة قمة منذ ذلك اليوم، تتردد الجملة بين جماهير الأهلي دون كلمات إضافية: "القاضية ممكن".

ليست للتباهي فحسب، بل لتذكير أن الفريق الذي عرف كيف يفوز في نهائي القرن، يعرف كيف يعود ويصبر وينتظر اللحظة التي تغير كل شيء.

إنها كرة القدم كما يحبها الأحمر: صامتة حتى تضرب.